اهمية مشروع قناة اسطنبول واثرها بيئياً سياحياً اقتصادياً
في عام 2011، أفصحت الحكومة التركية عن عزمها على إنشاء مجموعة من "المشروعات العملاقة" التي تهدف إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي للبلاد ليصل إلى تريليوني دولار بحلول الذكرى المئة لإعلان الجمهورية، في عام 2023.
وتتضمن المشروعات مطار اسطنبول الجديد، الذي افتُتحت المرحلة الأولى منه في أبريل/نيسان 2019، ويُتوقع أن يخدم 200 مليون مسافر في العام. ومن المقرر افتتاحه بشكل كامل عام 2025 ، والمشروع الثاني هو مد طريق بري بطول الغابات الواقعة على ساحل البحر الأسود، وصولا إلى المطار الجديد، بهدف جلب البضائع من أوروبا وآسيا.
لكن المشروع الأكبر والأكثر إثارة للجدل هو "قناة اسطنبول"، التي صرحت الحكومة أنها ستبدأ تنفيذها قريبا.
و لم تكن فكرة القناة وليدة للمرحلة الجديدة في تركيا بل كانت الفكرة قد طُرحت منذ القرن السادس عشر لكن لم تبدأ أي خطوة جديّة للتنفيذ، حتى طُحت مجدداً عام 2009 و بدأت دراسات الجدوى الاقتصادية ، إلى أن أعلنت الحكومة رسمياً عن نيتها بافتتاح قناة صناعة على البحر الأسود.
قناة إسطنبول: هي مجرى مائي موازي لمضيق البوسفور، على بعد 30 كيلومترا منه لتمتد في غرب البلاد رابطة البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب، بطول 45 كيلومترا، وعمق 25 مترا. ويبلغ عرضها حوالي 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومترا واحدا.
كما صرح وزير النقل التركي عن نية بلاده في بناء عدة جسور ضمن القناة.
و من الواضح أن هذا المشروع سيغير الكثير إذ ارتفعت أسعار الأراضي المحيطة بالمشروع حتى وصل سعر المتر المربع الواحد في بعض المناطق إلى 800 دولار، كما أنه سيغير من وجه النقل في تركيا حيث سيخفف من الضغط على قناة البوسفور التي تعد من أكثر المعابر المائية ازدحاماً و تشهد كثافة هي الأعلى على الصعيد العالمي، حيث في عام 2017 وحده مرت من خلال المضيق 53 ألف سفينة مدنية و عسكرية، مقابل 17ألف سفينة مرت عبر السويس و 12 ألف مرت عبر قناة بنما.
و قد أقرت الحكومة التركية أن مشروع القناة سيدر عليها ثمانية مليارات دولار سنوياً ، مقابل الرسوم التي ستتقاضاها من السفن جراء عبورها من القناة، كون القناة لا تخضع لاتفاقية مونترو التي تنص على حرية الملاحة في البحر الأسود ، و يعود تاريخ هذه الاتفاقية إلى عام 1936، و قد صادقت عليها تركيا و الاتحاد السوفيتي سابقاً و بريطانيا و اليونان و رومانيا و اليابان و أستراليا و فرنسا و بلغاريا و يوغسلافيا.
حيث تسمح الاتفاقية بحرية المرور و التواجد ضمن حوض البحر الأسود للسفن التابعة للدول المطلة عليه، كما تسمح بالتواجد لمدة ثلاثة أسابيع لباقي السفن التابعة للدول الأخرى خارج حوض البحر الأسود.
و حين حُملت تركيا المسؤولية المباشرة عن مرور السفن الأجنبية ، عبرت مراراً عن رغبتها في فرض إجراءات أكثر صارمة على حركة العبور تمكنها من التحكم في حركة السفن و خاصة الناقلة للبترول لكونها تشكل خطراً على البيئة، و لطالما كان مرور السفن الحربية سبباً في خلافات بين تركيا و الدول الموقعة على الاتفاقية خشية تحول حوض البحر الأسود إلى منطقة عسكرية حيث تسمح الاتفاقية بعبور السفن الحربية الصغيرة فقط، و يخشى البعض أن تفتح قناة إسطنبول الباب لوجود السفن الحربية الأمريكية في البحر الأسود.
و على الرغم من تصريحات الحكومة بأن القناة ستخفف من العبء الملاحي على البوسفور ، و تقلل من المخلفات التي قد تضر بالمناطق الأثرية المحيطة إلا أن المعارضة التركية ترى أن القناة ستعزل المنطقة الأثرية من إسطنبول و تحولها إلى جزيرة كما ستنتج عدد من التغيرات التي تهدد النظام البيئي حول القناة، في الوقت الذي تشير الخطط إلى أن عمليات الحفريات ستزيل 2.5 مليار متر مكعب من التربة تنوي الحكومة استغلالها في بناء جزر صناعية في بحر مرمرة، خشي المعارضون أن تخل عمليات الحفر بتماسك التربة على جانبي القناة و تُلحق الضرر بمخزون المياه الجوفية، مما قد يؤدي إلى حدوث انهيارات و ازدياد احتمالات خطر الزلازل ، كما أن إزالة الأشجار من الغابات عند ساحل البحر لحفر القناة سيقلل مستويات الأوكسجين في الماء و يزيد الملوحة مما يؤثر على توازن الحياة البحرية و يملأ هواء إسطنبول برائحة العفن.
يُتوقع أن ازدياد التعداد السكاني في إسطنبول بحوالي1.2 مليون نسمة نتيجة الاستثمارات حول القناة و هذا ما يتعارض مع خطط الحكومة بإبقاء تعداد المدينة عند 16 مليون نسمة.
قدر الخبراء كلفة تحقيق أهداف رؤية 2023 الاقتصادية التي وضعتها الحكومة والاستثمارات الملحقة بها، بحوالي 700 دولار لإنشاء البنى التحتية و400 مليار دولار للمنشآت، مما يثير خشية المعارضة من أن تكلفة المشروع الضخمة ستشكل عبئاً على الاقتصاد ، سيتحمله المواطنون الأتراك في ظل غياب خطط واضحة لكيفية تمويل المشروع، لكن الحكومة تخفف من حدة هذه المخاوف و تعد بأن هذا المشروع سيخلق الآلاف من فرص العمل الجديدة أمام الأفراد.
مواصفات قناة إسطنبول
- يبلغ طول القناة 45-50كم ، أما عمقها فيبلغ 25متر.
- يبلغ عرض القناة 150 متراً على السطح و 120 متر في قاع القناة.
- يمكن أن تتحمل القناة الجديدة عبور 137 سفينة شحن و 27 ناقلة محملة بأوزان تصل إلى 150طن.
- من المقرر أن تشهد القناة بناء 6 جسور و مدينة جديدة على ضفتي القناة تضم قاعة مؤتمرات و مراكز تجارية كبرى و مجمعات سكنية.
- تنوي الدولة بناء جزر صناعية من إخراجات حفريات القناة.
مميزات قناة إسطنبول
- تخفيف حركة الملاحة على البوسفور و ذلك بتحويل حركة السفن من المضيق إلى القناة الجديدة.
- الحد من المخاطر البيئية التي يتعرض لها مضيق البوسفور بسبب مرور الناقلات و التي تهدد الحياة البحرية في المضيق و المناطق المحيطة به.
- زيادة أمن الملاحة البحرية الخاصة بالمضائق التركية ، و حركة المرور البحرية.
أهمية قناة إسطنبول:
- تعزيز قيمة العلامة التجارية لمدينة إسطنبول.
- تقديم الحلول لمشاكل الملاحة و حركة السفن التي يعيشها مضيق البوسفور .
- توفير الدعم للشحن البحري بين البحر الأسود و بحر مرمرة.
- تسهيل حركة ناقلات النفط التي تمر عبر مضيق البوسفور حيث تم التخطيط لأن تتسع القناة لمرور حوالي 160 سفينة يومياً.
تكلفة القناة:
في المرحلة الأولى من البناء عام 2013 أعلن رئيس الوزراء التركي آنذاك أن تكلفة المشروع سوف تبلغ حوالي 10 مليار دولار للبناء، كما أكد حرص الدولة على تمويل المشروع و توفير جميع أموال البناء من خزينة الدولة و مواردها و عدم الاستعانة بأي تمويل خارجي.
و قد تم إعطاء الجيش التركي الحق و الدور الأكبر في الإشراف على البناء .
من الناحية الاقتصادية لا يمكننا إنكار أن المشروع كان له أثر كبير وواضح في تشجيع الاستثمارين الداخلي و الخارجي، حيث بدأ البعض بالاستثمار في الطرف الأوروبي لإسطنبول التي شهدت ازدهاراً اقتصادياً كبيراً بعد مشروع القناة التي لفتت أنظار المستثمرين العقاريين إليها، الأمر الذي ترتب عليه بعض النتائج الإيجابية كارتفاع قيمة العقارات في الطرف الأوروبي للمدينة و ارتفاع قيمة الاستثمارات بشكل كبيرة كما ارتفعت القيمة الاقتصادية للمنطقة و زادت الأرباح بشكل أكبر من السابق.
في ضوء ما سبق نجد أنه من أهم فوائد قناة إسطنبول المائية
من الناحية الاقتصادية :
- تعزيز مكانة تركيا في مجال المعابر المائية.
- تمكن تركيا من تعويض الأموال التي حُرمت منها جراء اتفاقية مونترو.
- ستقلل القناة من الازدحام و التلوث في مضيق البوسفور مما يعزز الاستفادة من المضيق في الأنشطة السياحية و الرياضة المائية.
- خلق ممر مائي أما حركة ملاحة بحرية دولية جديدة.
- ضمان سلامة الرحلات البحرية ، مما يشجع على ازدياد الأنشطة السياحية.
من الناحية العقارية:
- ستعود قناة اسطنبول بأهمية كبيرة على السوق العقاري التركي.
- العقارات التي ستبنى بالقرب من القناة الجديدة ستكون فرصة استثمارية عالية.
- قربها من طريق ممر مائي يربط بين مطار اسطنبول الجديد ومركز المدينة.
- قربها من 3 جزر اصطناعية ستبنى من أنقاض القناة وواحدة منهم ستكون دار أوبرا.
- ستشهد المنطقة حركة تجارية كبيرة حيث أن القناة الجديدة ستختص بالحركة التجارية والبوسفور للحركة السياحية.
- المشاريع القريبة من القناة ستمتلك شقق للبيع في إسطنبول على البحر.
- القناة ستكون بالقرب من مطار اسطنبول الجديد حيث أن الامتيازات ستتضاعف وستزيد.
- سيشتمل المشروع على 6 جسور يحمل أحدها سكة حديدية وسيتم بناء 4 جسور أخرى ضمن المشروع.